Admin Admin
عدد المساهمات : 688 تاريخ التسجيل : 06/09/2011
| موضوع: القيم الاسلامية الإخاء الأربعاء أبريل 03, 2013 8:01 pm | |
| القيم الاسلامية الإخاء
ليس من الفطرة أن يعيش الناس على هذا الكوكب في تشتت و تمزق ،و لا من العقل و المنطق أن يتنافر البشر ويتناطحوا ،و قد أوجدهم الله تعالى من مصدر واحد ،و أصل واحد ،خلقهم جميعا من آدم و حواء ،أبيضهم و أسودهم ،عربيهم و عجميهم ،سيدهم و مسودهم غنيهم و فقيرهم ،بل إن أشد ما يتنافى مع الفطرة ،و يتعارض مع العقل ، أن يوحد الله عباده في المنشأ و المصدر ،ثم يتفرقون في المرجع و المصير . و لأجل هذا اتخذ الإسلام كل أساس و قاعدة تحمي هذا الكيان من الانشقاق و التصدع ،و تمكنه من أداء مهمته على الوجه الأمثل و من بين تلك القواعد : ((الإخاء)) الذي امحي أمامه جميع فوارق أفراد هذا الكيان ،و امتيازاتهم من نسب عريق ،و مال غفير ،و جاه عريض ،و كل ما درج الناس على اعتباره مميزا بعضهم عن بعض إذن ما هو ((الإخاء )) و ما مقوماته ،وما ثمرته ،و كيف حققه الإسلام بين الناس ؟ هذا ما سيأتي تفصيله في الفقرات التالية: 1/ مفهوم الإخاء : الأصل في الإخاء انه اشتراك الطرفين في الولادة القريبة أو البعيدة . أما القريبة فمثل موسى و هارون عليهما السلام ، فقد كان بينهما إخاء في الأب و الأم قال تعالى مخبرا عنهما : ((و ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني و كادوا ي***ونني ))قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ((قال ابن أم )) كان ابن أمه و أبيه و قال ابن كثير :شقيقه لأبيه و أمه و هذا هو الإخاء في النسب القريب .و أما البعيد فمثل عاد و هود ،قال تعالى : ((و إلى عاد أخاهم هودا ))قيل :أخوهم في القبيلة ،و قيل:بشر من بني أبيهم آدم و المراد بالإخاء هنا ، الإخاء في الدين و الحرمة ،و هو أن يتآخى مجموعة من الناس في العقيدة ،و يشتركوا في الدين ، قال تعالى : ((و ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم)) و قد وصف الله المؤمنين بأنهم إخوة ، قال تعالى : ((إنما المؤمنين اخوة )) و إنما وصفهم بالاخوة ،لأن كل واحد منهم يتوخى مذهب أخيه و يقصده فلا يفارقه اعتقادا ،و عملا ،و سلوكا. و نحن إذا دققنا النظر في مسمى ((الإخاء )) و مدلوله اللغوي و الشرعي ،و جدنا أنه تنتظمه ثلاثة أنواع : أ-أخوة في النسب و القرابة ،و هي المراد في باب المواريث ،مثل قوله تعالى : ((و لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد و ورثه أبوه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس ))و كل إنسان يولد مزودا بها . ب-أخوة في الآدمية و الإنسانية ،و هي المراد في مطلق الإنسان ، أو بني آدم ، أو النوع قال تعالى (و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا )) قال ابن كثير :استدل بهذه الآية الكريمة على أفضلية *** البشر على *** الملائكة أي استدل بها من قال بأن بني آدم –و هم *** البشر –أفضل من الملائكة. و قال تعالى : ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا )) أي جميع الناس مؤمنهم و كافرهم ،نسيبهم و دعيهم، قريبهم و بعيدهم، حاضرهم و غائبهم. ج-أخوة في الدين و العقيدة ،و هذه هي المرادة في باب الإيمان و فروعه ،كقوله تعالى: ((إنما المؤمنون إخوة ))و قوله تعالى : ((فأصبحتم بنعمته إخوانا )) أي أصبحتم بالإسلام إخوانا متحابين بجلال الله تعالى ،متواصلين في ذات الله ،متعاونين على البر و التقوى و في الحديث : (المسلم أخو المسلم ،لا يظلمه و لا يخذله و لا يحقره) و غير ذلك من الآيات و الأحاديث الدالة على هذا النوع من الأخوة
لماذا بني الإسلام الأخوة على أساس الإيمان دون النسب و ال*** ؟
إن الإسلام لم يبن الأخوة على النسب و ال*** لكونهما مبنيين على الالتقاء الجسدي المادي و هو لا يكون جماعة قوية متماسكة ،تصمد لعواصف التمزق و التفرق ،و رياح الاختلاف و التنازع ،لا سيما إذا كان الاختلاف في الفكر و التصور ،و العقيدة و المنهج ،و من المشاهد المتكررة ، إن أبناء النسب يتقاتلون متى اختلفت عقائدهم و أهدافهم ،و تضاربت أفكارهم و مذاهبهم ،بينما يتعامل أبناء الدين و العقيدة ،و يتعاونون فيما بينهم و إن اختلفت أنسابهم و ألوانهم ،و تغايرت أوطانهم و لغاتهم. و لأجل هذا أقام الإسلام أخوة البشر على الإيمان ،لأن الإيمان رابطة قوية ،تستولي على الروح و الضمير ،فتجعله خاضعا لصوتها، أضف إلى ذلك ، أنها لا تحد بالحدود النسبية و اللونية ، و لا بالحدود القومية و الوطنية ، و لا بالحدود الإقليمية و الجغرافية ،و إنما تتجاوزها بحذافيرها و تشمل أقطار الأرض كلها ، لأنها تهدف إلى إقامة مجتمع بشري عالمي ،يسوده الإخاء و المودة. 2/ مقومات الأخوة الإسلامية :
إذا كان العمران بلا عمود ينهد ،فكذلك الأخوة الإسلامية تصاب بالخروق إذا فقدت الأساس الذي تقوم عليه ،و الذي يمدها بالثبات و الاستقرار،و لو ذهبنا نعدد مقومات هذه الأخوة ،لا نحصيها كثرة ،و لكن سنوجزها في الآتي:
أ-المحبة و الولاء: لا يمكن أن تتحقق أخوة الإسلام إلا إذا أحب المسلم أخاه المسلم محبة صادقة تصدر من القلب و الضمير ، فتترجمها الجوارح و الأعضاء ،يسلم عليه إذا لقيه ،و يساعده إذا احتاج إليه ،و يكرمه إذا نزل عنده و يجلب إليه الخير كله ،و يدفع عنه الشر كله ،حتى انه من كثرة حبه له ينزله منزله نفسه ، أو أقرب الناس إليه.
الأمثلة على ذلك:
مثال من القرآن الكريم ، قوله تعالى : واصفا حال الأنصار مع من هاجر إليهم من مؤمني مكة ((و الذين تبوؤا الدار و الإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على أنفسهم و لو كان بهم خصاصة)) روى عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – قال : (لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بيني و بين سعد بن الربيع ، فقال سعد لي : أي أخي أنا أكثر أهل المدينة مالا ،فانظر شطر مالي فخذه ،و تحتي امرأتان ، فانظر أيهما أعجب إليك حتى أطلقها ) أي حب أعظم من هذا ، أن يطلق لك أخوك زوجته ، و كريمته حتى تتزوجها و أي إخاء أمتن من أن يشاطرك أخوك ماله و جهده
ب -الصبر و احتمال الأذى : المؤمن يصبر محتسبا لما يجده من إخوانه من جفاء و غلظة ،و يتحمل كل ما يلقاه منهم من إساءة و أذى قولي أو فعلي ، حفاظا على الأخوة ، و حرصا على بقائها و استمرارها، فلو ذهب ينتقم من كل من أساء إليه ،ويدفع سيئته بمثلها، ربما لا ينتهي الدور ،خصوصا إذا كان المنتقم ، أضعف من المنتقم منه ، و لا أحد يعينه على قضاء وطره منه ، فيصبح الناس في دوامة ال*** و البطش ،و هذا أشد خطورة من مصلحة الانتقام. قال تعالى عن هذا (و لا تستوي الحسنة و لا السيئة ادفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه و لي حميم ، و ما يلقاها إلا الذين صبروا و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم))
ج- حفظ السر و ترك الفضيحة ،و المؤمن ستار لعيوب أخيه ،مهما بلغت من الخطورة غايتها ،ما لم يكن مجاهرا بها ،مفتخرا بالتلبس بها ،حتى يصون كرامة أخيه ،و يمنعها من التردي و الانحطاط لو افتضح أمام الناس ، و لذلك قال تعالى : ((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الآخرة و الله يعلم و أنتم لا تعلمون)) و قال صلى الله عليه وسلم : (لا يستر عبد عبدا في الدنيا ، إلا ستره الله يوم القيامة )
ما السر في منع الإسلام إعلان العيوب و إشهارها ؟ لقد منع الإسلام إعلان العيوب و إشهارها ،و اعتبر الإعلان نفسه جريمة أخرى ، منفصلة عن جريمة مرتكب المعايب و الذنوب لأمرين:
أ-إتاحة الفرصة للمذنب أن يراجع نفسه و يتوب إلى الله ، فلو افتضح أمره ،و انكشف ذنبه ،فقد ضاع الحياء من وجهه ، و ربما أغراه الافتضاح و التشهير على السير قدما في المعايب و الرذائل. أما لو ظل عيبه مستورا ،فإن الاحتفاظ بسمعته ،و سيرته يبقى قائما لديه ،و لذلك نصح الإسلام بعدم كشف العيب ،فقد روى معاوية –رضي الله عنه –قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (انك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم ) و روى عقبة ابن عامر –رضي الله عنه –مرفوعا (من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موؤودة )
ب-منع انتشار الفساد في الأرض ، فإعلان العيوب و العورات دون أن يصحبه العقاب ،يفسد الجو الاجتماعي ،و يغري الناس بارتكابها ،و كان ذلك الإعلان بمثابة تنبيه و تعليم للأشرار و كثيرا ما يصرح الفساق بأن ما ارتكبوه من الذنوب ،لم يكن إلا نتيجة لما تعلموه من خلال خبر كتبته صحيفة ، أو بثته إذاعة ، أو عرضه تلفاز ، أو تناقلته ألسنة الناس.
حالات يجب ستر العورة فيها ، أوجب الإسلام ستر العورة و العيب في الحالات التالية:
أ- الزنا الذي لم يبلغ نصاب الشهود فيه أربعة أشخاص.
ب-أن يكون الذنب –من حيث أثره –يخص المذنب و لا يتعداه إلى غيره.
ج-أن يكون الإعلان له يؤدي إلى فساد أكبر ،و ضرر أوسع.
د-أن يكون الإعلان سببا لإسقاط ثقة الإنسان ،الذي ينتفع الناس بثقته.
ه-أن يكون المذنب مستفتيا ،يبحث عن حكم الشرع في ذنبه ،و طريق التوبة منه
حالات يجب كشف العورة فيها: و يجب كشف العورة فيما عدا الحالات السابقة و خاصة إذا كان المذنب مجاهرا بذنبه ،عارفا لحكم الله ،و يعقاب عليه حتى لا يتشجع الناس على اقترافه.
تميز رابطة الأخوة الإسلامية على غيرها من الروابط: إن رابطة الأخوة الإسلامية عميقة الأثر في كيان الجماعة ، لا تعدلها رابطة أخرى من ال*** أو اللغة أو الوطن ، أو الجوار أو المصلحة المادية المشتركة ، بل إن هذه الروابط مجتمعة ،مهما يكن أثرها الظاهري من كف الأذى ،و بذل المعروف ، تظل روابط سطحية ، لا تزال تتخللها الفجوات و الثغرات ، حتى تشدها رابطة الأخوة الروحية ،و القيم العليا ، فهنا تعود الكثرة وحدة. / ثمرة الإخاء ، و يمكن تقسيمها إلى قسمين:
أ-ثمرة في الدنيا : و هي كالآتي :
- الوحدة و الجماعة: فالمسلمون يتحدون بالأخوة ، و يجتمعون عليها ، فهم حقا يتمثل فيهم قوله صلى الله عليه و سلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)
- إزالة الفوارق الطبقية و الاجتماعية: فالاخوة الإسلامية تذيب الفوارق النسبية و الامتيازات الطبقية ،لا يفضل أحدهم على آخر إلا بالجد و العمل ، كلهم متساوون في الحقوق و الواجبات ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم ))
- النصح و الإرشاد: فالمسلمون إخوة ، يتناصحون فيما يهمهم من أمور الدنيا و الآخرة ،هذا التناصح الذي لم يكن ليحصل ، لولا امتلاء قلوبهم بالحب الصادق لأخوتهم ،و رغبتهم الملحة لجلب المعروف إلى ساحتهم ، و إبعاد المنكر عنها.
- تقدم المسلمين في كل مجال وميدان: فإن لهذه الأخوة أثرا كبيرا في نشأة الحضارة، لأنه ما من مجتمع يتفرق أفراده،إلا ويتخلف عن ركب الحضارة تضرب عليه الذلة و المسكنة لعدم التآخي فيه، و بقدر تباعد أفراده و اختلافهم وعدم اتحادهم، يتسرب إليهم الضعف والوهن ،فتذوب قوتهم وتذهب ريحهم، ويصبحون أذلة بعد عزة
[center]ب-ثمرته في الآخرة : و هي كالآتي :
- الحصول على مرضاة الله بدخول الجنة: فإن المؤمن إذا آخى مؤمنا ،و أحبه ،أدخله الله الجنة لأنه آخى من أمر الله بمؤاخاته ،و أحب من أمر الله بحبه ،و في الحديث : (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ،و لا تؤمنوا حتى تحابوا ،أولا أدلكم على شيء لو فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم )
- الأمن من شدائد يوم القيامة وأهواله: فقد ذكر النبي صلى الله عليه و سلم سبعة أصناف يظلهم الله في ظله ،يوم لا ظل إلا ظله ،و فيه : (و رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ،و تفرقا عليه ) و المراد بالتظليل ،هو النجاة من دنو الشمس و شدة حرها ،و هذا لا يحصل إلا للإخوة المتحابين.
- الفوز بدعوة المؤمنين الصالحين قبل و بعد الموت: و ذلك أن كل مصل ،يدعو في تشهده بهذا الدعاء : (السلام علينا و على عباد الله الصالحين ) و هو دعاء عام ،يصيب كل عبد صالح في السماء و الأرض و الصلاح يتحقق بإتيان كل معروف شرعه الله ،و اجتناب كل منكر نها الله عنه،و من المعروف : أن تحب من وافقك في القصد و التوجه ،و تؤاخي من شاركك في العمل و الأداء. . [/center] | |
|