Admin Admin
عدد المساهمات : 688 تاريخ التسجيل : 06/09/2011
| موضوع: عملية المساعدة في الخدمة الاجتماعية HELPING PROCESS IN SOCIAL WORK السبت أبريل 27, 2013 1:43 pm | |
| عملية المساعدة في الخدمة الاجتماعية HELPING PROCESS IN SOCIAL WORK
يعتمد الأخصائي الاجتماعي في تعامله مع الأفراد والأسر والجماعات على نظريات السلوك الإنساني المشكلة من مختلف نماذج الممارسة، ويطبق أساليب تدخل متنوعة بهدف مساعدتهم للتغلب على الصعوبات والمشكلات والمواقف التي يواجهونها ويعانون منها. وبغض النظر عن اختلاف الممارسين في النظريات التي يعتمدون عليها وأساليب التدخل التي يستخدمونها فإن جميعهم يعملون من أجل تحقيق هدف واحد مشترك ألا وهو "تحسين نوعية الأوضاع الاجتماعية التي يعيش فيها الناس"، وأنهم خلال سعيهم لتحقيق هذه الغاية يركزون جهودهم حول مساعدة عملائهم للتكيف مع مشكلات الحياة بصورة أكثر واقعية وفاعلية. ويمكن أن نلخص أسباب المشكلات التي يقع فيها كثير من الناس اليوم في سببين رئيسيين هما: 1- الأسباب أو المصادر الداخلية internal sources المرتبطة بالشخص نفسه. 2- الأسباب أو المصادر الخارجية external sources المرتبطة بالبيئة المحيطة. وهذه المشكلات تسبب ضغوطا على الإنسان وتفقده حالة التوازن equilibrium التي يعيش فيها وذلك نتيجة عدم قدرته على التكيف مع المشكلة أو الموقف الذي يمر به، أو بسبب عدم امتلاكه للمهارات الضرورية التي تساعده على مواجهتها والتعامل معها، وبالتالي يلجأ هؤلاء الأفراد إلى طلب المساعدة المتخصصة لاستعادة حالة التوازن التي فقدوها واكتساب المعلومات والخبرات والمهارات التي تدعم جهودهم للتكيف مع أوضاعهم ومشكلاتهم. وعملية المساعدة في مجال الممارسة المباشرة تهدف إلى مساعدة الناس لاستعادة حالة التوازن واكتساب القدرات التي تعمل على تعزيز تكيفهم ونموهم النفسي والاجتماعي وذلك من خلال ما يكتسبونه من معلومات وخبرات ومهارات أثناء عملية المساعدة. وبغض النظر عن الطريقة أو الأسلوب المتبع في عملية المساعدة يعتمد الأخصائيون الاجتماعيون الذين يعملون في مجال الممارسة المباشرة على أسلوب مشترك – إلى حد ما – لحل مشكلات عملائهم، وخلال بحثهم عن تعزيز الأداء الاجتماعي لعملائهم يستخدم هؤلاء الممارسون أسلوب المقابلة interviewing كأداة رئيسة لإنجاز هذا الهدف. ويتفق كثير من المنظرين والممارسين في مجال الخدمة الاجتماعية على أن عملية المساعدة تسير وفق ثلاث خطوات أو مراحل أساسية (Hepworth & Larsen, 1990) هي: 1- مرحلة الاستكشاف والتقدير والتخطيط exploration, assessment and planning phase . 2- مرحلة التطبيق وإنجاز الأهداف implementation and goal attainment phase . 3- مرحلة الإنهاء والتقويم termination and evaluation phase . ويؤكدون أن لكل مرحلة من هذه المراحل الثلاث أهداف محددة يسعى الممارس إلى تحقيقها، كما أن كل مرحلة تتضمن مجموعة من الأنشطة والعمليات والمهام الأساسية التي ينبغي على الممارس الاهتمام بها والعمل على تنفيذها.
مرحلة الاستكشاف والتقدير والتخطيط وهي المرحلة الأولى من مراحل التدخل المهني في الخدمة الاجتماعية وتعتبر هذه المرحلة القاعدة الأساسية التي تعتمد عليها عملية المساعدة في إنجاز أهدافها وحل المشكلات، وتعزيز مهارات التكيف لدى العملاء. وتتضمن هذه المرحلة العمليات الأساسية التالية: 1- تأسيس أو تكوين العلاقة establishing rapport . 2- استكشاف مشكلة العميل من خلال استنباط واستخراج المعلومات عن العميل والمشكلة والعوامل البيئية environmental factors . 3- تشكيل التقدير متعدد الأبعاد multidimensional assessment للمشكلة، والأنظمة التي لها علاقة بالمشكلة، والموارد الضرورية. 4- تعزيز الدافع enhancing motivation لدى العميل للعمل على حل المشكلة ومواجهة الموقف. 5- التفاوض المشترك بشأن أهداف عملية المساعدة وتشكيل العقد contract . 1) تأسيس أو تكوين العلاقة: والعلاقة في مقابلات الخدمة الاجتماعية in social work interviews هي حالة التوافق والانسجام harmony والتعاطف empathy التي تسمح بالفهم المشترك بين الأخصائي الاجتماعي والعميل (Barker, 1991). وتمر مرحلة تكوين العلاقة بعدة مراحل تبدأ بالاستقبال، ثم عرض الخدمة، وتوضيح وظيفة الأخصائي الاجتماعي، وقبول الخدمة من جانب العميل. فالاتصال الفعال خلال عملية المساعدة يساعد وبدرجة كبيرة في كسب ثقة العميل وتفعيل دوره في عملية التدخل. والممارسة الفاعلة والناجحة هي تلك التي تساعد العميل على التعبير عن مشاعره وانفعالاته وأفكاره وآرائه بكل حرية وصراحة ودون الشعور بالخوف أو التردد أو التهديد، وتعمل على خفض درجة القلق والتوتر والإرباك الذي قد يشعر به بعض العملاء في لقائهم الأول، وتكسب ثقة العميل وإيمانه بكفاءة وقدرة الأخصائي الاجتماعي على مساعدته. ويستخدم الأخصائي الاجتماعي لتكوين العلاقة أساليب ومهارات مختلفة منها التقبل، والتعاطف، والتقدير، والاحترام، والتفهم، والاهتمام، وإتاحة الفرصة له للتعبير عن مشاعره وأفكاره، والاستجابة لحاجات العميل. ويرى (Hepworth & Larsen, 1990) أن تكوين العلاقة تتطلب من الممارس الالتزام بمبادئ وقيم واتجاهات إيجابية كعدم التسرع في إصدار الأحكام على العميل، وتقبل كل ما يصدر عنه من أقوال وأفعال، ومراعاة حقه في تقرير مصيره، واحترام كرامته وقيمته الإنسانية، ومراعاة فرديته، والتعاطف معه ومع مشكلته، والثقة فيه وفي قدراته. ونرى أن من المهارات العملية المساعدة في تكوين العلاقة المهنية مع عملاء الخدمة الاجتماعية ما يلي: - العمل على ربط الخدمات الاجتماعية التي يراد تقديمها بحاجات العميل الشخصية ومشكلته. - توضيح دور الخدمة الاجتماعية والأخصائي الاجتماعي بشكل مفهوم وإقناع العميل بإمكانية المساعدة. - الاستجابة لأسئلة واستفسارات العميل. - الاستجابة لمشاعر العميل والتعاطف معه، وإبداء مشاعر التقبل والتعاطف والاهتمام. وتصل العلاقة المهنية إلى مستوى مقبول ومعقول عندما يتم الاتفاق بين الأخصائي الاجتماعي والعميل على العمل سويا والتعاون في سبيل حل المشكلة والتغلب على الموقف، كما أن تكوين العلاقة هي العملية الأساسية للدخول في العمليات التالية وإنجازها. 2) استكشاف المشكلة: تتضمن عملية الاستكشاف جمع المعلومات ذات الصلة بالمشكلة وتحديد العوامل المسببة لها والمرتبطة بها، ونؤكد في هذا المجال على أن الاتصال التعاطفي empathic communication من جانب الأخصائي الاجتماعي لا يساعد في تكوين العلاقة المهنية فقط، بل يساهم وبدرجة كبيرة في إتاحة الفرصة للعميل للتعبير عن مشاعره واستخراجها مما يساعد على تقويم هذه المشاعر وتحديد دورها في المشكلة. وتعتبر عملية استكشاف المشكلة من العمليات الأساسية في نجاح التدخل المهني وعلى الممارس بذل كل جهد ممكن للحصول على أكبر قدر من البيانات والمعلومات قبل القيام بعملية التقدير، وتبدأ عملية الاستكشاف أولا بالتعرف على مشاعر العميل المترتبة على المشكلة، والتعرف على اهتماماته وحاجاته، وبالتدريج يحاول الأخصائي الاجتماعي التوسع في عملية الاستكشاف لتتضمن جميع العوامل الشخصية والبيئية، كما يعمد الأخصائي خلال هذه العملية إلى التعرف على جوانب القوة في شخصية العميل للاستفادة منها في إنجاز أهداف العملية العلاجية. وترى (Schram & Mandell, 1986) أن عملية الاستكشاف تتطلب من الأخصائي الاجتماعي الاهتمام بمعرفة مدى تفاعل وتأثير العوامل الشخصية والبيئية والثقافية في المشكلة، والاهتمام بالمرحلة العمرية التي يمر بها العميل والحاجات النفسية والاجتماعية لها. كما ينبغي في بعض الحالات استكشاف البناء الأسري من حيث المراكز والعلاقات، وثقافة الأسرة من حيث القيم والأهداف والاتجاهات. وللقيام بعملية الاستكشاف ينبغي على الأخصائي الاجتماعي مراعاة الجوانب التالية: - معرفة وجهة نظر العميل عن المشكلة، ونوع المساعدة المطلوبة. - دراسة حياة العميل للتحقق من طرق وأساليب التكيف مع المشكلات والصعوبات، ومعرفة تأثير المشكلة على شخصية العميل وعلاقاته الاجتماعية. - ملاحظة الآثار النفسية الناجمة عن المشكلة بما فيها مشاعر القلق والخوف والشعور بالذنب أو النقص ومستوى الأداء العقلي والحسي والنظرة إلى النفس والمحاولات الأولى للتكيف بما فيها المحاولات الدفاعية. - معرفة تأثير السن وعلاقته بالتكيف أو القدرة على التكيف. - معرفة الموارد المادية والشخصية المتاحة في البيئة. 3) التقدير متعدد الأبعاد: يرى (Barker, 1991) أن التقدير هي عملية فهم وتحديد طبيعة المشكلة وأسبابها وتطوراتها والاحتمالات المستقبلية لها، كما تتضمن هذه العملية تحديدا دقيقا للأشخاص والمواقف المرتبطة بالمشكلة، وتحديدا دقيقا للأنشطة التي يمكن أن تعمل على الحد من آثارها أو التخلص منها نهائيا. والتقدير أيضا يعني معرفة كيفية تفاعل العوامل الشخصية والبيئية والثقافية مع المشكلة ومعرفة نتائج هذا التفاعل خاصة من حيث درجة الضغط الواقع على العميل، ومن حيث نوعية ودرجة التكيف. وعملية التقدير هي عملية مستمرة تبدأ من أول اتصال يتم بين الأخصائي الاجتماعي والعميل، وتنمو وتتطور هذه العملية خلال المقابلات اللاحقة ومن وقت لآخر طالما ظل الاتصال قائم بين الأخصائي الاجتماعي والعميل حيث يقومان بمراجعة وتقويم وتقدير سلوكيات العميل ومشاعره والمعلومات التي يدلي بها. وبالإضافة إلى عملية التقدير يقوم الأخصائي الاجتماعي بتشكيل ما يسمى بالتقدير العملي working assessment الذي يقصد به تحديد أهداف عملية المساعدة ومضمون العقد الاجتماعي social contract (Hepworth & Larsen, 1990) . وتحتوي عملية التقدير تحليلا للمشكلة، والعميل والبيئة المحيطة به. فتحليل المشكلة يقتضي من الأخصائي الاجتماعي تحديد طبيعة الصعوبات التي تواجه العميل كعدم توفر الموارد اللازمة والضرورية، ومعرفة القرارات الهامة في حياته، وتحديد المعوقات الشخصية، والعلاقات الشخصية، والأنظمة المجتمعية، والتفاعل بين كل هذه العوامل. كما تتضمن عملية تحليل المشكلة اتخاذ قرار بشأن مدة التدخل، ودرجة التغيير المطلوبة، وتحديد مدى القدرة على إنجاز الأهداف، وقدرة الأخصائي الاجتماعي على مساعدة العميل، وتحديد نوعية الخدمات التي تقدمها المؤسسة وعلاقتها بمشكلة وحاجة العميل. أما تحليل العميل (صاحب المشكلة) فيستلزم تقدير حاجاته needs، وقدراته التكيفية coping capacity، وجوانب القوة strengths والضعف limitations في شخصيته، ودوافعه للعمل واستعداده للتعامل مع المشكلة. ويرى (Seidman, 1983) أن تحليل العميل يتطلب من الأخصائي الاجتماعي تقويم درجة مرونة العميل وقدرته على الحكم، وتقدير عواطفه وانفعالاته، ومعرفة خصائصه الشخصية، ودرجة تحمله للمسؤولية، ودرجة تحمله للضغوط، وأسلوب تفكيره، ومهاراته الشخصية حيث أن هذه العوامل ضرورية وأساسية في عملية اختيار الأهداف وأسلوب التدخل. وأخيرا فإن التقدير البيئي يقتضي الاهتمام بالعوامل البيئية المحيطة بالعميل وتحديد درجة تأثير كل منها في مشكلته. ويتضمن التقدير البيئي تحديد الأنظمة التي تحتاج إلى التعامل معها سواء من خلال تدعيمها وتقويتها أو من خلال تنميتها وتطويرها، أو من خلال الاستعانة بها في إنجاز أهداف عملية المساعدة. وتشمل الأنظمة البيئية الأسرة، وموارد أو مصادر المساندة الاجتماعية social support كالأصدقاء والأقرباء والزملاء، ورعاية الأطفال child care، والرعاية الصحية health care، ونظام العمل والمؤسسات المختلفة، والبيئة المادية physical environment، والعوامل الثقافية cultural factors. والتقدير العملي يستلزم قيام الأخصائي الاجتماعي بترتيب وتركيب جميع المعلومات ذات الصلة والتي حصل عليها في مرحلة الاستكشاف بطريقة علمية تساعد على فهمها والاستفادة منها في حل المشكلة. كما أن تفعيل عملية التقدير تستلزم أيضا إشراك العميل فيها من خلال التعرف على انطباعاته بشأن طبيعة المشكلة وأهداف عملية التدخل وأساليب العلاج. ويمكن أن نلخص محتوى عملية التقدير في الجوانب التالية: - العوامل المرتبطة بالمشكلة problem factors: والتي تتضمن معرفة طبيعة المشكلة وآثارها الشخصية والبيئية، وتحديد بداية ظهور المشكلة وتطورها والعوامل التي أسهمت في ذلك، وتحديدا للمدة الزمنية اللازمة للعلاج، والشروط التي يجب أن يخضع لها العميل طوال فترة التدخل. - العوامل الشخصية personal factors: وتتضمن معرفة المرحلة العمرية للعميل وما يرتبط بها من حاجات نفسية وجسمية واجتماعية، ومعرفة الخصائص النفسية والانفعالية والاجتماعية والثقافية للعميل. هذا بالإضافة إلى تحديد قدرة العميل على مواجهة الموقف وأداء دوره الوظيفي ومقدار عجزه، وتحديد جوانب القوة الضعف في شخصية العميل وعملياته الدفاعية ودوافعه. - العوامل المرتبطة بعلاقات العميل interpersonal factors: كتحديد المرحلة التي تمر بها الأسرة وما يتصل بها من حاجات، ومعرفة عمليات الاتصال والتفاعل، والبناء الأسري، وعلاقة العميل بالأشخاص المحيطين به، وقدرته على تكوين العلاقات، ودرجة اهتمام الأسرة بالمشكلة والعميل وتأثير كل ذلك على العميل. - العوامل البيئية environmental factors: وتتضمن تحديدا دقيقا للعقبات والعوائق البيئية، والموارد والإمكانات المتاحة، والتعرف على الوضع الاقتصادي للعميل، والسكن، والتسهيلات والخدمات المتوفرة في البيئة، مكان العمل أو الدراسة. - العوامل الثقافية cultural factors: وتشمل الأهداف والاتجاهات والخصائص الخلقية والعادات والطبائع الاجتماعية والمثل العليا. - تفاعل جميع هذه العوامل السابقة وتأثيرها سواء في إحداث الضغوط على العميل أو الحفاظ عليها. 4) تعزيز الدافع لدى العميل: إن نجاح عملية المساعدة يعتمد بدرجة كبيرة على اعتراف العميل بوجود المشكلة ووجود الدافع لديه للعمل على حلها حيث يلاحظ أن كثيرا من العملاء يفتقدون إلى أحد أو كلا هاذين الجانبين، كما يخطئ كثير من الممارسين بسبب عدم اهتمامهم للتعامل مع هاذين الجانبين، لهذا فإن الممارس الناجح هو الذي يمتلك المهارات اللازمة التي تساعده في تعزيز دوافع عملائه خاصة ممن لا يعترفون بوجود المشكلة أو الذين ينقصهم الاستعداد الكافي لبذل الجهد والعمل في سبيل التخلص منها. ويرى (Hepworth & Larsen, 1990) أن التعامل مع مثل هذه النوعية من العملاء يتطلب من الأخصائي الاجتماعي مساعدتهم من خلال: 1- التعامل مع مشاعرهم السلبية والتخفيف من آثارها عليهم. 2- توضيح الأسباب التي تدعوهم إلى عدم الاعتراف بوجود المشكلة. 3- إيجاد الدافع الذي يحفزهم على العمل. ويستخدم الأخصائي الاجتماعي مهاراته المهنية لزرع أو إيجاد الدافع لدى عملائه والمحافظة عليه، كما يعمل على تشجيع الأشخاص المقربين لتوفير الدعم والمساندة للعميل. ويشير (Schlesinger, 1985) إلى بعض العوامل التي تساعد على إيجاد الدافع لدى العميل والمحافظة عليه منها: مساعدة العميل للمحافظة على الأمل والتفاؤل، وتحديد المتغيرات الجديدة حفاظا على الوقت والجهد والمعنويات، والاستفادة من جوانب القوة لدى العميل، وتقسيم المشكلات والحاجات إلى أجزاء صغيرة يمكن التعامل معها والتحكم فيها، وإعادة تعديل وتغيير الأهداف والواجبات عند الحاجة، وتوفير الدعم البيئي. 5) التفاوض بشأن الأهداف وتشكيل العقد: بعد اتفاق الأخصائي الاجتماعي والعميل على طبيعة المشكلة والعوامل المؤثرة فيها يقوم الأخصائي الاجتماعي بالتفاوض مع العميل على أهداف عملية المساعدة وأساليبها، وهذه العملية هي عملية مشتركة تهدف إلى تحديد حاجات العميل والجوانب التي تحتاج إلى تدخل وتغيير، كما تهدف إلى تحديد خطة التدخل وأساليب العمل لحل المشكلة والتغلب عليها. وعملية وضع الأهداف هي الاستراتيجية التي يستخدمها الأخصائي الاجتماعي لمساعدة عملائه في توضيح وتحديد أهداف عملية المساعدة، وتحديد ما يريدون أو يأملون تحقيقه من خلال علاقة المساعدة، وتحديد الخطوات العملية اللازم اتخاذها لإنجاز الأهداف، وتحديد المدة الزمنية التي تحتاج إليها عملية تحقيق الأهداف. وبعد الانتهاء من هذه العملية يقوم الأخصائي الاجتماعي والعميل بتشكيل محتوى العقد والذي يحتوي عادة على جوانب مرتبطة بموافقة كل من الأخصائي الاجتماعي والعميل على أهداف عملية التدخل، والأنشطة والمهام المطلوبة لإنجاز هذه الأهداف، والأدوار والواجبات والمسؤوليات المترتبة على كل منهما، وتحديد المدة الزمنية المقترحة للتدخل. ويعتبر العقد عاملا مهما يساعد في توضيح أهداف عملية المساعدة، والمتابعة والتقويم، كما يضفي أهمية لعملية المساعدة. وقد عرف (Barker, 1991) العقد بأنه اتفاق شفوي oral أو مكتوب written بين العميل والأخصائي الاجتماعي على أهداف عملية المساعدة وطرق التدخل ومدة العمل وواجبات كل منهما، وأن الاتفاق ينبغي أن يقود الطرفين إلى فهم لفظي واضح clear verbal understanding لكل عملية المساعدة ومتطلباتها. ويشير (Schulman, 1986) إلى مجموعة من مهارات التعاقد contracting skills نلخصها في التالي: - الوصول إلى اتفاق بشأن طبيعة المشكلة وحاجات العميل. - الوصول إلى اتفاق بشأن أهداف عملية المساعدة. - الوصول إلى اتفاق بشأن الخطوات التالية وواجبات ودور كل من الأخصائي الاجتماعي والعميل. - تحديد الشروط والقيود – إذا دعت الحاجة – لكل من العميل والأخصائي الاجتماعي. - الاتفاق بشأن موعد ومكان عقد الجلسات. - تحديد الجوانب والنقاط التي يمكن الاستفادة منها في عملية التقويم. مرحلة التطبيق وإنجاز الأهداف بعد الانتهاء من تشكيل العقد والاتفاق على مضمونه يدخل كل من الأخصائي الاجتماعي والعميل في لب عملية حل المشكلة وهي مرحلة التطبيق وإنجاز الأهداف، أو مرحلة العمل والتغيير كما يسميها البعض. وتتضمن هذه المرحلة تحويل الخطط إلى أفعال actions حيث يوحد المشاركون في عملية المساعدة جهودهم ومحاولاتهم ويعملون من أجل إنجاز الهدف أو الأهداف المتفق عليها. وتبدأ هذه العملية بتقسيم أو تجزئة الهدف إلى أهداف فرعية subgoals صغيرة يمكن التحكم فيها والتعامل معها، وإنجازها في وقت أقصر، وتحديد الأساليب والأعمال والمهام والأنشطة التي تساعد على تحقيقها. وينبغي أن يقوم الأخصائي الاجتماعي باختيار الهدف ذو الأولوية والأهمية للتعامل معه أولا واختيار أسلوب أو أساليب التدخل المناسبة والمباشرة ذات العلاقة بالهدف والمشكلة والتي تساعد في حل مشكلة العميل ثم تطبيقها. ويرى (Germain, 1984) أن واجبات الأخصائي الاجتماعي في هذه المرحلة تتلخص في: - مساعدة العميل للمحافظة على الدافع للتكيف، والتعامل مع مشاعره وأساليب المقاومة التي يبديها. - التعليم والتوجيه والتدريب على أساليب التكيف. - توفير المعونة النفسية. - تزويد العميل بالمعلومات التي يحتاج إليها، وتوفير فرص المشاركة في الاختيار واتخاذ القرار وممارسة الأنشطة. ونؤكد أن فعالية ونجاح الأخصائي الاجتماعي في التعامل مع هذه المرحلة يعتمد بدرجة كبيرة على قدرته على الوفاء بالجوانب التالية: 1- تعزيز فعالية الجانب النفسي لدى العميل enhancing self-efficacy. 2- مراقبة التطورات monitoring progress. 3- التعامل مع المعوقات dealing with barriers. 4- تعزيز درجة وعي العميل بنفسه enhancing clients' self-awareness. 5- استخدام النفس use of self. 1) تعزيز فعالية الجانب النفسي لدى العميل: أشارت كثير من الدراسات إلى أن زيادة إحساس العميل بفعاليته وثقته في قدراته ونفسه يعتبر من المكاسب الأساسية لعملية التدخل (Bandura, 1977; Kazdin, 1979; Zeiss, Lewinsohn, & Munos, 1979) . وفعالية النفس self-efficacy تعني إيمان العميل بقدرته على إنجاز المهام والأعمال وأداء السلوكيات المرتبطة بتحقيق أهداف عملية المساعدة بكل فعالية ونجاح. ويستخدم الأخصائي الاجتماعي أساليب مختلفة ومتنوعة لتعزيز فعالية الجانب النفسي لدى العميل وزرع الثقة في قدراته ومهاراته منها: 1- مساعدته لأداء سلوكيات وأعمال محدودة تساعده في إنجاز الأهداف المرغوبة، ومن المفضل تكليف العميل بأعمال تتناسب مع قدراته وإمكانياته والتدرج معه من السهل إلى الصعب وهكذا حتى يشعر العميل بالإنجاز ويكتسب الثقة اللازمة. 2- مساعدة العميل من خلال توضيح جوانب القوة في شخصيته والإيمان بقدرته على القيام بالأعمال التي كلف بها، وتشجيعه وزرع الثقة في نفسه. 3- يرى (Barker, 1991) أن تعزيز إيمان العميل بنفسه يتم من خلال قيام الأخصائي الاجتماعي بتقديم المساعدة المباشرة له، وتوضيح جوانب القوة في شخصيته، وتقسيم المهام والأعمال إلى أجزاء صغيرة تسهل مهمة القيام بها وتنفيذها، واستخدام كل الموارد المتاحة. 2) مراقبة التطورات: فخلال مرحلة التطبيق وأثناء أداء الأعمال المتفق عليها ينبغي على الأخصائي الاجتماعي مراقبة التطورات التي تحدث نتيجة عملية التدخل وذلك بصورة منتظمة. ومراقبة التطورات تعني قيام الممارس بالتالي: 1- تقويم درجة فعالية أساليب واستراتيجيات التدخل وتغيير غير الملائم منها. 2- توجيه طاقات وجهود العميل نحو إنجاز الأهداف المتفق عليها، والعمل على زيادة التركيز والاستفادة من الوقت. 3- التعامل مع مشاعر العميل الناتجة عن عملية التدخل، والتعامل مع رأيه في كل ما يحدث سواء كان إيجابيا أو سلبيا. 4- تعزيز الدافع لدى العميل، والعمل على زيادة درجة ثقته بنفسه، وتقويم العوامل المسببة للإحباط لدى العميل والتخلص منها. 3) التعامل مع الصعوبات والمعوقات: أي التعامل مع الصعوبات والمعوقات التي تواجه عملية التطبيق وإنجاز الأهداف، فخلال مرحلة التطبيق تواجه عملية المساعدة ببعض الصعوبات والمعوقات التي تقف عقبة في سبيل تحقيق الأهداف، وينبغي على الأخصائي الاجتماعي الانتباه لهذه المعوقات والتعامل بما يناسبها. وتعتبر مشاعر وتوقعات كل من الأخصائي الاجتماعي والعميل المرتبطة بعملية المساعدة وسير العمل من أهم معوقات عملية المساعدة، كما أن إساءة فهم العميل لبعض جوانب وأهداف وأساليب عملية التدخل قد تؤثر سلبا على العمل، وقد يشعر بعض العملاء بعدم الرضا، وخيبة الأمل، والإحباط، والغضب من بطئ سير العملية العلاجية وعدم تقدمها وفي مثل هذه الحالات يقوم الأخصائي الاجتماعي بتحديد مثل هذه المعوقات ومعرفة أسبابها والتعامل معها بما يضمن استمرارية العملية العلاجية. كما قد يشعر الأخصائي الاجتماعي أيضا بالملل والإحباط وعدم المبالاة والعجز واليأس في بعض المواقف وهذا أمر طبيعي ولكن عليه أن يدرك مدى تأثير ذلك على العميل وعلى علاقة المساعدة، كما ينبغي عليه الاعتراف بها للعميل وتوضيح كيفية التعامل معها والتغلب عليها. 4) تعزيز درجة وعي العميل بنفسه: يواجه كثير من العملاء خلال مراحل عملية المساعدة المختلفة بعدد من المشاعر السلبية نتيجة دخولهم في علاقة شخصية جديدة عليهم وقد تشكل هذه العلاقة تحديا وتهديدا للبعض الآخر منهم، فقد يشعر العميل بالخوف والإرباك والشك وقد تتطلب هذه المشاعر من الأخصائي الاجتماعي الخروج – لبعض الوقت – بعملية المساعدة عن مسارها وإيقاف أنشطتها للتعامل معه ومساعدة العميل للتغلب عليها. ويرى (Hepworth & Larsen, 1990) أن ظهور مثل هذه المشاعر يعتبر فرصة مناسبة للأخصائي الاجتماعي لكي يساعد عملاءه في زيادة وعيهم بأنفسهم لأن وعي العميل بنفسه يعتبر الخطوة الأولى في فهم وإدراك العميل لنفسه self-realization. ونؤكد على أهمية مساعدة الأخصائي الاجتماعي لعملائه في فهم أنفسهم وذلك من خلال توضيح مشاعرهم وأفكارهم، وتوجيه عملية اكتشاف النفس self-discovery بواسطة التعاطف والتقدير، واستخدام أسلوب المواجهة confrontation –إن لزم الأمر– لتوضيح المشاعر والأفكار والسلوكيات والقيم والاتصالات والاتجاهات الخاطئة. 5) استخدام النفس: خلال مرحلة التطبيق وإنجاز الأهداف تكون العلاقة المهنية بين الأخصائي الاجتماعي والعميل قد وصلت إلى مرحلة جيدة، لهذا يمكن للأخصائي الاجتماعي أن يستخدم نفسه كأداة أو وسيلة لتوجيه عملية النمو وإنجاز أهداف عملية المساعدة. واستخدام الأخصائي الاجتماعي لنفسه يعني استخدامه لخبراته ومشاعره وأفكاره وآرائه الشخصية المشابهة لخبرات ومشاعر العميل بشكل مناسب يدعم من العملية العلاجية. كما تتطلب مهارة استخدام النفس تمثل (القدوة) الأخصائي الاجتماعي للسلوكيات الجديدة المرغوب إكسابها العميل وتشجيع العميل لأدائها والعمل بها. ويستخدم الأخصائي الاجتماعي هذا الأسلوب أيضا بهدف تعزيز عملية التقدم في العملية العلاجية وذلك من خلال التعامل مع السلوكيات والأفكار والقيم الخاطئة وغير السوية بحزم.
مرحلة الإنهاء والتقويم وتتضمن مرحلة الإنهاء والتقويم أربعة مهمات أساسية هي: 1- تقدير الحاجة إلى إنهاء العلاقة والتخطيط لذلك. 2- إنهاء العلاقة. 3- التخطيط للمحافظة على المكتسبات والتغييرات الجديدة. 4- تقويم نتائج عملية المساعدة. ويرى (Ratliff & Others, 1982) أن هذه العمليات تتأثر بعدة عوامل منها طبيعة عمل المؤسسة ونوعية الخدمات التي تقدمها، ونوعية المستفيدين أو العملاء، وشروط الاستفادة من الخدمة، وعوامل أخرى ترتبط بعلاقة الأخصائي الاجتماعي بالعميل. وتنتهي العلاقة عادة نتيجة إنجاز أهداف عملية المساعدة، أو في حالة انتهاء المدة الزمنية المخصصة للعمل والمتفق عليها سلفا بين الأخصائي الاجتماعي والعميل، أو في حالة عدم رغبة العميل مواصلة العلاج، أو في حالة اعتراف الأخصائي الاجتماعي بعدم قدرته على تقديم مزيد من الخدمات والمساعدات. وينبغي أن يشترك كل من الأخصائي الاجتماعي والعميل في تحديد مدى الحاجة إلى إنهاء العلاقة المهنية. وإنهاء العلاقة termination هي عمليات أو إجراءات منظمة تهدف إلى إنهاء علاقة المساعدة، وتتضمن الدعوة إلى تقويم العمل وتحديد الإنجازات، والحديث عن كيفية معالجة المشكلات المستقبلية، والحديث عن طرق الحصول على الموارد في المستقبل عند مواجهة مشكلات معينة. وينبغي على الأخصائي الاجتماعي مراعاة مشاعر العميل المرتبطة بهذه المرحلة والتعامل معها بطريقة مناسبة، فقد يشعر بعض العملاء بالغضب وعدم الرضا والإنكار ويقاومون هذه المرحلة بسبب ما لمسوه من فوائد وأحسوا به من تغيير في حياتهم، وعلى الممارس التعامل مع هذه المشاعر من خلال إتاحة الفرصة للعميل للتعبير عنها، وتوضيح أسبابها. يرى (Kerson & Kerson, 1985) أن عملية إنهاء العلاقة بين الأخصائي الاجتماعي والعميل قد تتسبب في ظهور بعض المشاعر السلبية لدى العميل كالخوف والقلق والحزن أو مقاومة عملية إنهاء العلاقة من خلال التظاهر بالحاجة إلى مزيد من الرعاية، لذلك فإن على الأخصائي الاجتماعي الاهتمام بهذه المرحلة والاستعداد لها عن طريق التنبؤ بتأثيرها على العميل، وإعداد وسائل تدخل ملائمة للتعامل معها. كما قد يشعر بعض العملاء بالسعادة والرضا والاعتزاز والفخر نتيجة لما قاموا به من جهد وما حصلوا عليه من مكتسبات خلال عملية المساعدة وعلى الأخصائي الاجتماعي مشاركتهم هذه المشاعر والعمل على تعزيزها وتدعيمها. كما ينبغي على الأخصائي الاجتماعي الاهتمام بوضع الخطط المناسبة للمحافظة على المكتسبات والتغييرات والاستمرار في عملية النمو بعد انتهاء فترة العمل الرسمية. ويمكن تحقيق ذلك بواسطة ترتيب لقاءات وجلسات لاحقة، وتوجيه العميل إلى خدمات مجتمعية مناسبة يمكن أن تساعد في متابعة تقديم الخدمات. وللقيام بمهمة إنهاء العلاقة المهنية نرى إتباع التعليمات التالية: 1- التلميح للعميل بهذه المرحلة وتوضيح أسباب إنهاء العلاقة. وينبغي أن يكون التلميح إليها قبل بدايتها بوقت كاف بحيث تكون أكثر قبولا. 2- الاستجابة المباشرة لمشاعر العميل وذلك عن طريق الاعتراف بهذه المشاعر وإتاحة الفرصة للتعبير عنها وتوضيح أسبابها ومواجهتها، كما أن من المهم تقبل الأخصائي الاجتماعي لهذه المشاعر ومشاركة العميل فيها. 3- الإشادة بمجهودات العميل والدعوة إلى تقويم العمل وذلك من خلال مراجعة الاتفاق وتحديد الإنجازات، والإشادة بمجهودات العميل في تحقيقها. 4- تحديد الخطوات التالية لاستكمال الأعمال التي لم يتم إنجازها، والتحويل حال الضرورة. وأخيرا يقوم الأخصائي الاجتماعي والعميل بتقويم نتائج العمل وتحديد درجة فعالية وكفاءة أساليب التدخل، وتحديد عوامل النجاح والفشل. وعند إجراء عملية التقويم ينبغي التركيز على تقويم الجوانب النفسية والاجتماعية في عملية المساعدة وذلك من خلال فحص ما وصلت إليه قدرات العميل في الأداء الوظيفي وعلاقاته بالأشخاص الآخرين المحيطين به، ومدى توفر الخدمات والموارد. ويستخدم الأخصائيون الاجتماعيون عادة مجموعة من الإجراءات والطرق والأساليب للقيام بعملية التقويم منها: 1- استخدام السجلات والتقارير المختلفة والمستخدمة في المؤسسة (كالتسجيل الذي يركز على المشكلة problem-oriented recording) والاستفادة منها في تقويم الأداء المهني للأخصائي الاجتماعي وذلك من خلال التعرف على طريقة الأخصائي الاجتماعي في دراسة المشكلة، والخطوات التي سار عليها أثناء الدراسة، ونوعية المعلومات التي حصل عليها وعلاقتها بالمشكلة أو الموضوع، ومعرفة مصادر المعلومات التي اعتمد عليها ، وطريقة تقويم العوامل النفسية والاجتماعية للمشكلة، ومعرفة جوانب النقص في كل من هذه الجوانب. 2- استخدام نموذج المراقبة الذاتية وهو نموذج يساعد الأخصائي الاجتماعي في التعرف على درجة تطبيقه للأسس العلمية من مبادئ وطرق وأساليب وأنشطة، ومعرفة جوانب النقص في تطبيق هذه العناصر. 3- استخدام مقياس تحقيق الأهداف وهو مقياس يحتوي على مجموعة من الأسئلة التي تهدف إلى التعرف على الأسلوب المتبع في وضع الأهداف، ومدى وضوحها وواقعيتها ومرونتها، وارتباطها بمشكلة العميل وحاجاته الفعلية، ومدى ملاءمة الأساليب المقترحة للتدخل، ومدى ملاءمة الوقت المخصص لعملية المساعدة. 4- استخدام سجل تدوين تقدم أو تطور العمل وهو مقياس يساعد في التعرف على درجة تطبيق الأخصائي الاجتماعي لسجلات تطور العمل مع الحالة، ومدى ملاءمة محتوى هذا السجل لأهداف عملية المساعدة، والوقت المخصص للعمل منقول.
| |
|