منهج الرسول فى تعديل السلوك فى حالات الغضب "
يتصدر الغضب وسرعة الانفعال قائمة العوامل المسببه للاضطرابات النفسية والتشوش الذهنى وإهدار طاقات الناس النفسية والبدنية ، وهو ايضاً من اهم اسباب اختلال التوافق واللياقة النفسية والاجتماعية وهناك حقيقة لاتقبل الجدل تقول : لاينال العلا من كان طبعه الغضب ، فالغضب لايفرز الا الضغينة والحقد ، وهو نار تحترق العقل .. وتسحق البدن .. وتصيبه بأمراض لاحصر لها . ويتفق معظم علماء النفس على ان الغضب ضرورة لحماية النفس من عدوان العالم الخارجى ، ولكن عندما يصبح الفرد سهل الاستثارة يغضب لاتفه الاسباب وتزداد حدة انفعالاته لفترات طويلة فانه سوف يعانى من اعراض التوتر المستمر والقلق المزمن وضعف التركيز والاعياء الزهنى والبدنى وفقد الرغبة فى الاستمتاع بالحياة ، مع بعض الاعراض الاكتئابيه .
والغضب مثل البخار المضغوط فى إناء محكم إذا لم يجد منفذاً لخروجه فانه يصيب الفرد بمرض او اكثر من تلك المجموعة المسماة بالامراض النفسجمسمية مثل قرحة المعدة وارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية والقولون العصبى والصداع العصبى المزمن .. الخ ويعبر البعض عن ذلك بأن الغضب اذا لم يخرج فسوف يستقر فى أحشائك .
وللرسول (ص) منهج فعال لتعديل السلوك فى حالات الغضب يتضمن عدة طرق وأساليب ناجحة نذكر أحدها (وهو يتكون من شقين .. الأول يهدف الى طرد الأفكار الخاطئه المثيرة للانفعال اولاً بأول ، بتكرار وترديد بعض الآيات الكريمه "فاعف عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين" (المائدة 13) "ولمن صبر وغفر ان ذلك من عزم الامور" (الشورى 43) والحديث الشريف "الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب" وأن يحاكى ويقلد الثبات والقوة النفسية والحلم فى نماذج الانماط السلوكية للرسول الكريم (ص) ومنها انه كان يوما يمشى ومعه أنس فأدركه أعرابي فجذبه جذباً شديداً وكان عليه برد غليظ الحاشية ، قال "انس" رضى الله عنه : "حتى نظرت الى عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت فيه حاشية البرد من شدة جذبه " فقال : "يامحمد هب لي من مال الله الذي عندك " فالتفت اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحك ثم امر باعطائه ومنع الصحابه من التعرض له ، ولما اكترث قريش إيذائه قال : "اللهم اغفر لقومي فانهم لايعلمون" وعفا عنهم جميعاً .. تلك هى اعظم درجات القوة النفسية ودلالة اكتمال العقل وانكسار قوة الغضب وخضوعها التام للعقل والحكمة . واذا أردت التدريب على هذا المنهج عليك فى نهاية كل يوم أن تجلس فى خلوة علاجية مسترخياً على مقعد مريح وأن تأمر ذهنك بطرد كل الأفكار السلبية والهموم وأن تتأمل منهج الرسول الذى ذكرناه والمواقف العملية المثيرة للغضب التى تعرضت لها ومدى نجاحك فى تطبيق وتقليد هذا المنهج فى معالجتها .. وان تتابع ذلك وتسجله فى مفكرتك الخاصة يومياً لمدة شهر وسوف تشعر بالقوة النفسية وتزايد قدراتك فى السيطرة على الغضب .